ريم علي

ريم علي

الأميرة ريم علي (١٩٦٩ -)، زوجة الأمير علي بن الحسين ابن الملك حسين ملك الأردن الراحل وشقيق الملك عبد الله الثاني بن الحسين. هي ابنة الأخضر الإبراهيمي وزير الخارجية الجزائري الأسبق والمبعوث الخاص السابق لأمين عام الأمم المتحدة في سوريا.في ٧ سبتمبر ٢٠٠٤ عقد قرانها على الأمير علي بن الحسين نجل ملك الأردن السابق، ومنحها الملك عبد الله الثاني لقب أميرة لتلقب بالأميرة ريم العلي، ولهم من الأبناء: ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بريم علي؟
أعلى المصادر التى تكتب عن ريم علي
عقدت في مناطق مختلفة بالصومال، ومن بينها العاصمة الصومالية مقديشو، مناسبة لإحياء الذكرى التاسع لوفاة المعلم "عبد الله محمد" الملقب بـ"جقف" أحد كبار المعلمين وأشهر خدام القرآن الكريم في الصومال. وجرت خلال المناسبة قراءة ختمات من القرآن الكريم ودفع الصدقات للمشاركين في المناسبة والمساكين والدعاء لروح المعلم "عبد الله جف"، الذي يكن له الصوماليون الحب والاحترام والتقدير. وشارك في مناسبات الدعاء أتباع فروع الطرق الصوفية في الصومال، والذي أحيوا المناسبات بقرءة القرآن وإقامة حلقات ذكر وجلسات المديح النبوي والإنشاد الصوفي. واستلهم المشاركون في المناسبة التي عقدت في مقديشو جوانب من سيرته العطرة التي تفوح منها شذى التصوف والورع والتقوى والأخلاق الكريمة والخدمة لنشر القرآن الكريم. ولد المعلم "عبد الله جقف" عام ١٩١٥ في إقليم غلغذود وسط الصومال، وحفظ القرآن الكريم على يد معلمه الشيخ حسين ولال، لمدة أربع سنوات، ثم تلقى علوم الشريعة الإسلامية من الشيخ إبراهيم علي غعل في مقديشو. وعاد المعلم في عام ١٩٢٥ تقريبا إلى مسقط راسه وبدأ هناك الخدمة لنشر القرآن الكريم، وهو في سن العشرين، عندما تولى شؤون مدرسة لتحفظ القرآن الكريم في إقليم غلغذود، حيث واصل الخدمة الشريفة في نشر القرآن الكريم لمدة ٧٦ عاما إلى أن وافته المنية في عام ٢٠٠٩. وفيما يتعلق بإصلاح المجتمع لعب المعلم عبد الله دورا بارزا في جهود نشر السلام في مناطق الصومال وإصلاح ذات البين بين الأسر والقبائل الصومالية، وله كذلك جهود مشكورة في مساعدة المجتمعات الأقلية. فيما اشتهر بكفالة الطلبة من الأسر الفقيرة خلال مدة تحفيظ القرآن الكريم. وكان المعلم "عبد الله جقف" كثير العبادة متسما بالزهد والتواضع، كما كان يحيى ليله بالقراءة والتهجد. وتخرج من مدرسة المعلم عبد الله لتحفيظ القرآن الكريم آلاف من الصوماليين يقوم كثير منهم بالخدمة لنشر القرآن، من خلال افتتاح مدارس لتحفيظ القرآن الكريم في مناطق مختلفة في الصومال وفي المهجر، حيث لا يزال بعض طلابه يخدمون لنشر القرآن الكريم على منهج معلمهم في دول بأمريكا وأوروبا. وكان المشاركون في المناسبة أبدوا التضامن مع أهالي ضحايا حادث التفجير الدموي الذي وقع يوم السبت الماضي في مقديشو، ودعوا الله للقتلى أن يتغمدهم برحمته وجنته وللجرحى الشفاء العاجل، سائلين الله أن يمن بلاد الصومال بالأمن والسلام والرخاء.
الحفظ والإتقان، والفهم الصحيح، والاطلاع الهادف، واتساع الأفق، والتدفق العلمي، والملاحظة القوية والبديهة الخارقة، والقدرة البيانية في الخطابة والكتابة، كل هذه كانت سمات يورِّثها التعليم الجيد في سالف الزمان وسابق الأوان، ويعبّر عن اجتماع تلك المواصفات في شخص ما بالموسوعية المعرفية، ومن ثمَّ نجد أن معظم العلماء في ثقافتنا الإسلامية لهم حضور في عدد من التخصصات العامة التي تحمل في طياتها تخصصات خاصة، كالأئمة الأربعة والنووي وابن حجر العسقلاني وابن سينا والفارابي وابن حيان وابن القيم وابن كثير وابن بطونة وابن خلدون والسيوطي وغيرهم من أعلام هذه الأمة على مدى الأعصار في مختلف الأمصار. وإذا اطلعت على ترجمة عالم من علمائنا إلى أواخر الألف الهجري ستجد نفسك أمام موسوعة علمية ما إن تقلب صفحاتها حتى تنهل من معين معارفها، وتجني من حدائق اجتهادها ثمار فكرها، وربما تشتتت قوّتك البحثية في التخيّر من مباحثها، ما بين نصوص وفهوم إلى أحكام واستنباطات، ثم في علوم الشريعة كالقرآن وعلومه، والحديث وفنونه، والفقه وبحوثه، ثم في علوم الطبيعة كالطب والهندسة والفلسفة والتاريخ وغيرها، ولا شيء يدل على سعة معرفتهم وموسوعية علومهم مثل مؤلفاتهم وكتبهم التي قد نعجز عن مجرد دراستها ناهيك من استيعابها وفهمها، فصارت في مكتباتنا يطلق عليها بكتب التراث، في إشارة إلى أنها إرث ثمين تحول مع الزمن إلى تحف فلكلورية لا يقرؤها إلا الباحثون في التراث، تماما كالمباني الأثرية التي لا يدخلها إلا الزائرون من السائحين وعلماء الآثار. كانت السمة الكبرى التي ميزت التعليم واستمد منه جودته هي الرسالية، إذ كانت نية طالب العلم صادقة، وعزيمته قوية في الوصول إلى الغاية من طلب العلم وهو إصلاح المواطن، وأن صلاح الفرد أساس صلاح الجماعة، وكان المعلم رساليا يؤدي دوره من منطلق أداء الأمانة، أما المكان فكان وقفا مشاعا يستوي في ملكيته كل المواطنين. وقد كانت الانطلاقة الأولى للتعليم في الإسلام من داخل المسجد، وعلى يدي الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، فأما المساجد فهي بيوت لله، وأما الرسل فشعارهم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله، ولشدة رغبة الجيل الأول في التعليم كانوا يتزاحمون على حِلق العلم حتى جاء القرآن يدعوهم إلى التفسُّح في المجالس، وعندما تعرِض لهم حاجة ملحة كانوا يتناوبون على الحضور، بل وصل الأمر ببعضهم إلى المبيت مع الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل الاستزادة من العلم، وربما سألوا أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن أجمعين من وراء حجاب عن أحوال المصطفى صلى الله عليه وسلم داخل الحجرات، حبا في المعرفة وبحثا عن المعلومة. ومن هنا يظهر أن من أبرز الصفات التي ينبغي توافرها في المعلم الإخلاص، والصبر، ورحابة الصدر، وحسن الخلق، والكرم، والحياء، وبذل المعرفة والمعروف، وحفظ السر، مع الزهد والورع والعفة، وهي صفات روحانية إيمانية وهبية، ويمكن القول بأنها صفات بشرية خُلقية كسبية، ولكن العمدة انعقاد النية واكتمال الدرية. والطالب مرآة تعكس ضوء المعلم، فمخبره يعكس مخبر المعلم، ومظهره يعكس مظهر المعلم، وسلوكه يعكس سلوك المعلم، ولهذا كانت القدوة من أهم وسائل التربية والتعليم، ولما كان المقتدَى به محل تأسي الطالب وجب كماله أو قربه من الكمال، وهذا واحد من أسرار عصمة الأنبياء، وذلك لئلا يقع منهم ما يفسد الاقتداء بهم. والبشر مهما بلغوا في درجات الإخلاص والتجرد والزهد إلا أن الجانب المادي فيهم له أثره واعتباره، ولهذا كان بيت المال يصرف على التعليم في زمن قوة الدولة الإسلامية، وتراجع هذا التمويل مع تراجع قوة الدولة، تماشيا مع التراجع العام عن التمسك بالدين، وضعف العزيمة وتبدد الهمة وتلاشي الرغبة. وتبعا لذلك أخذت الرسالية في التناقص مع تفاوتها من شخص لآخر ومن زمن لآخر ومن مصر لآخر، حتى تقلص مفهوم الرسالية في مفردات تسيء أحيانا إلى المهنة والمهارة، حيث إن الدولة لكونها مسئولة عن سياسة الدين والدنيا كانت تكفل طلاب العلم وترعى العلماء، إبراءا لذمتها أمام الله وأمام الرعية، لأن التعليم حق لكل مواطن بغض النظر عن جنسه أو لونه، فمصاريف المعلمين والمتعلمين وتكاليف تنفيذ عملية التعليم، ووضع المنهج وطباعته وتمليكه للمتعلم كلها من مسئوليات الدولة، فكانت الميزانية المصروفة على التعليم ومواجهة الجهل أكبر بكثير من الميزانية المصروفة على الحرب ومواجهة العدو. ثم شطبت الدولة من خطتها المالية حصة التعليم تدريجيا وفق برنامج ممرحل، لتخلّف وراءها فراغا حاول ملأه بعضُ الأغنياء المحسنين والعلماء الموسرين، والمؤسسات المدنية والجمعيات الخيرية، ولكن هذه الفئات مجتمعة عجزت عن سد بعض الفراغ. وهذا الذي أدى فيما بعد إلى دراسة علوم الشريعة في حلق المساجد وغرف الأوقاف، تطوّعا من أجل ابتغاء وجه الله، فيقصدها من لا يريد نصيبا من الدنيا من عبّاد وزهّاد ومتفقهة، فلا الدولة تعولهم، ولا المجتمع يؤازرهم، ولا الوضع يساعدهم، فصارت علوم الشريعة قرينة بالفقر والإقلال لدرجة أن الطالب لا يجد ما يشتري به المنهج المقرر، وأما الطعام والملابس فحدّث ولا حرج، ومن هنا قالوا ولد الفقير لا يتفقه، إذ إن الجوع يمنعه من الفهم، والفقر يمنعه من اقتناء الكتاب، في وضع مأساوي يزداد تأزما كلما تأخر الزمن وبعُدنا عن فترة الرسالة والقرون المفضلة. وبالمقابل فإن علوم الطبيعة أصبحت تدرّس للراغبين في تعلمها شريطة قدرتهم على تحمل تكاليفها، من تجهيز معامل، وأدوات تعليمية، ومواد خام، ورسوم دراسية لأن تعلمها ليس فرضا عينيا، أو ليس مما لا بد منه لصحة ديانة الإنسان أو عبادته، وعلى هذا الأساس ارتأى أهل الفتوى بجواز أخذ الأجرة على تعليمها، وتأكد لدى الناس شدة الحاجة إليها، فبذلوا ما بأيديهم بكل سخاء طمعا في استغلال الحاجة إلى ثمرة علمهم الطبيعي، وإن كانت الفتوى قد توسعت أخيرا وأجازت بتعاطي الأجرة في تعليم كل شيء انتهاءا بكلام الله المنزل، وما دونه يدخل دخولا أوليا، ونتيجة لذلك تغيرت قناعات المجتمع في أمور كثيرة. وبعد ظهور الدولة الحديثة وقيام الجامعات والأكاديميات التخصصية، صارت الشهادات هي العقدة الجديدة في قصة العمل والوظيفة، والكسب والحصيلة، فتم تقسيم العلوم وانفجرت ثورة تعليمية، وتفنن الناس في تسمياتها، حتى سُمع من يطلق عليها بمثل التفجر المعرفي، وعالم التخصصات، ودنيا الجزئيات والدقائق، وربما بالغ البعض وقسم العلوم إلى علوم مادية وأخرى دينية، وهذه كلها تقسيمات أكاديمية لم تكن موجودة في زمن الموسوعية المعرفية، ويرجع ظهورها إلى سببين رئيسين هما الأول ضعف الإدراك فلم تعد الموهبة مصقولة، ولا الحافظة قوية، ولا القدرة على الفهم متوفرة إلى الدرجة التي تمكّن الإنسان من النجاح في جميع المواد بالفروع المختلفة للمعرفة. الثاني ضيق ذات اليد وإن وجد من هو على استعداد فطري ليصبح موسوعة علمية على نمط عمالقة المعرفة عبر التاريخ، فإن الرسوم والأجرة تقف حجر عثرة في طريقه نحو الموسوعية، فليس أمامه إلا خيار واحد هو الاستسلام للأمر الواقع، والقبول بالتخصصية. وبين هذا وذاك كان الصراع محتدما بين الثقافة الإسلامية من جهة وبين الثقافات الأخرى، والتى تحالفت ضد الأولى ورمتها من قوس واحدة، من جهة أخرى، فظل عنصر الممانعة في أفراد الأمة ومجاميعها حاجزا منيعا دون سقوط الثقافة واستسلام المواطن، فأقام الغيورون على ثقافتهم مراكز تعليمية وجامعات أكاديمية تعنى بنشر المعرفة والعلم، واتبعت تلك المؤسسات الأساليب المناسبة لخطاب الفئات المستهدفة، والشرائح المطلوبة، فذاع صيتها وارتفع ذكرها، وعلم يها القاصي والداني حتى أصبحت معالم يهتدى بها في ظلمات الجهل التي كانت تعيشها البشرية قاطبة، في قارات العالم المختلفة. وهذا كله بفضل نخبة من المجتمع المسلم تجشمت عناء القيام بهذه الفريضة، فترجمت المعارف اليونانية والرومانية وأعادت قراءتها بما يخدم مصالح المجتمع البشري، وأضافت إلى المعرفة جهودا جديدة ومبادئ حديثة مستقاة من التراكمات الحضارية والمعارف الكونية، مستلهمة من وحي السماء ورواسب الديانات والفلسفات القيمة، ونقلت الثورة التعليمية التي قطف المسلمون ثمارها، ونهلوا من ينابيعها، إلى المجتمعات التي كانت تتخبط في ظلام الجهل الدامس فانتشر الإسلام في أوربا، ووصلت البشرية إلى هذه الطفرة النوعية التي نشهدها، لأن مسيرة المليون ميل تبدأ بخطوة، وكان للمسلمين على البشرية فضل الخطوة الأولى من تلك المسير الطويلة. ولا شك أن تطفّل علماء الثقافات الأجنبية على مائدة معرفتنا، وترزّقهم من فتات تراثنا، إنما كان بفضل التعليم الجيد الذي كانت تقدمه مراكزنا التعليمية ومعاهدنا المعرفية، وذلك من حيث الفكرة والهدف والروح، علاوة على البيئة التعليمية المهيأة للإبداع والإنتاج والإنجاز، وما تاريخ مركز الإشعاع العلمي في الأندلس منا ببعيد. وإذا كان مواطنو القطبين الشرقي والغربي باختلاف ثقافاتهما يوما ما يفدون إلى أراضي الدولة الإسلامية طلبا للعلم والمعرفة، وبحثا عن الحياة الكريمة، وتزاحموا في شوارعنا وسكنوا قرانا بعد أن فاضوا على مدننا، فلا شك أنهم رجعوا بحصيلة علمية ومهارة عملية تصلح أن تكون اللبنة الأولى لبناء حضارة إنسانية تقوم على جودة التعليم لا على كثافة وكمية المعلومات. والأيام دول، فلم تمض سوى أعوام أو عقود، فإذا بالثقافات الشرقية والغربية تطلّ علينا من شرفة المعرفة ملقنةً إيانا دروسا في معايير التعليم ومقاييس جودته، لتشد قوافل الطلاب رحالها وتتحرك نحو الشرق والغرب بحثا عن المعرفة الجيدة في مراكز التعليم هناك، بأعداد هائلة بلغت الملايين، وبمستويات عالية شملت الأستاذية، ثم أصبحنا ننظر إلى كل ما خرج من السبيلين (الشرق والغرب) بأنه زبدة عصارة الفكر البشري، وخلاصة الوحي الإلهي، وقد انبهر البعض ببصيص التكنولوجيا والتقنية الحديثة التي وصل إليها القطبان، ففَقَدَ البوصلة وضيَّع التحكُّم، فحكم بأن السباق مع القطبين إنما هو في الحقيقة خوض حرب غير متكافئة ومحسومة النتيجة. وتلك هي حال الروح الانهزامية التي تنسى في لحظة الخطر مقدراتها ومواهبها وإمكاناتها التي تراكمت منذ قرون مضت، فترضى بالذلة والخنوع، في مشهد انبطاحي مقزز، لن يقبل بأي ممثل متدرب أن يقوم به في مسرحية شعبية على خشبة مسرح متهالك، ناهيك أن يمارسه إنسان سوي سلوكا واقعيا في حياته الطبيعية. ألم تكن العقلية التي اخترعت الساعة أحق بأن تحكم العالم وتهتم بالوقت والزمن؟ ألم تكن العقلية التي صنعت الطائرة أحق بإطلاق الأقمار الاصطناعية والمكوكات الفضائية؟، أليست العقلية التي صنعت الطائرة أحق بصناعة كل ما يدور في فلكها من صواريخ وقذائف بشتى أنواعها ومختلف أسمائها؟. إن العقلية التي اكتشفت العناصر الكيماوية هي نفسها التي ينبغي أن تشيد المصانع، وهي نفسها التي يجب أن تصنّع وتصدّر، لا أن تبيع المواد الخام لتستوردها بعد تصنيعها، العقلية التي علمت بتأثير عنصر الزئبق وخصائصه لا يمكن أن تجلس مفلسة اليدين، خاوية الوفاض عن عنصر الذهب والفضة. أمة تتداول في سهراتها قصة (يا سارية ... الجبل!!!) كان جديرا بها أن تمتلك حبال الإنترنت لا أن تستأجر أسلاك الإنترنت وتصرف في تأمينها ملايين الدولارات، مع أن المالك وحده هو من يستطيع إصلاحها واستبدالها، بل وقطعها وإيقافها متى شاء. إن التعليم الجيد هو الذي كوّن تلك العقليات، وليس سبب ظهور تلك العقليات في بيئات أخرى أنها سرقت أو أخذت بالقوة أو زرعت جيناتها في سلالات أخرى، أبداً،،، هذا ما يهذي به البعض ممن يصعب عليهم تقبّل الهزيمة أو تفهّم الواقع. سبب ظهور تلك العقول في تلك البيئات جودة التعليم، لأنهم كانوا مشغولين بتجويد نمط تعليمهم، وتحسين طريقة تفكيرهم، في الوقت الذي كنا مشغولين بإضاعة مناهجنا، وتمزيقها بأيدينا، وبيعها بأثمان بخسة في السوق السوداء، حتى تجمّعت في أيديهم عيون كتبنا، وعصارة علومنا، بل هجرت إليهم معظم عقولنا. فأضحت المدارس التي خرّجت الإمام الشافعي تخرّج اليوم من لا يعرف كلام الحي القيوم، وأمست المدارس التي خرجت جابر بن حيان تخرج اليوم من لا يعرف عنصر الألمونيوم، وظلت المدارس التي خرجت ابن خلدون تخرج اليوم من لا يعرف عدد ساعات اليوم. فيما مضى يتعلم الطفل الكتابة والقراءة في ستة أشهر، ويحفظ القرآن الكريم على الأكثر في ثلاث سنوات، ويلتحق بالمدرسة من السنة الثالثة أو الرابعة، ويقوى على التعبير والإنشاء في مراحل التعليم الأساسية، ويوجد من الطلاب من كتب قصة، أو نظم قصيدة أو ألف كتابا وهو في مراحل التعليم العام. حاملو شهادات أكاديمية عريضة اليوم لا يحسنون كتابة أسمائهم ناهيك عن كتابة خطاب أو تأليف كتاب، وارتفعت أصوات ولاة أمور المتعلمين بالتذمر والشكوى عن حال التعليم، وضاعت صرخات المعلمين بين ضجيج الطلاب وصخب الجمهور، والنتيجة ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب!!!. وأرق ضمير الأمة وحاك في صدرها سؤال جوهري هو أين سقط عنصر الجودة من منظومة التعليم عبر تاريخ البشرية؟. والعقل الجمعي والرأي العام للأمة دخل في تيه طويل الأمد أدى به إلى الجري في دوائر مفرغة من الأجوبة غير الأساسية في الموضوع، فمرة هرع الرأي العام إلى نوعية معينة من المناهج (مناهج كليات كامبرج مثلا) لإعادة الأمل إلى الأمة بإمكانية توفير تعليم جيد، وفزع حينا نحو رقعة جغرافية معينة (أوربا مثلا) للعثور على الجودة المفقودة، وهرب حينا آخر إلى نمط معين من التعليم (التعليم النظامي مثلا) للحصول على الجودة المنشودة، بل لجأ أحايين أخرى إلى تخصصات بعينها (المسار العلمي مثلا) ليضمن جودة التعليم، وربما انشغل الرأي العام عن اللب والجوهر بالإطار والقشر، ليتشبث بلغة التعليم التي اعتقد خطأَ أنها هي سر جودة التعليم ومفتاح شفرات العقول (كاللغة الإنجليزية مثلا). والجودة لم تسقط في منهج أو مكان أو نمط أو تخصص أو لغة، وإن كان لهذه الأمور دورها في عملية التعليم، إلا أنها ليست شروطا أو عوامل أساسية في تجويد التعليم، فلا يلزم لإيجاد تعليم جيد الاعتماد على لغة أو نمط بقدر ما يلزم بلورة فلسفة هادفة لمخاطبة التعليم العقل والقلب والإدراك بدلا من مخاطبته الحافظة والناظرة والمزاج!!!. يظل التعليم الجيد في بيئاتنا من سابع المستحيلات إذ إن أبسط مقومات الجودة يتعذر وجوده، وهو بلورة فلسفة وحكمة إيدلوجية فكرية يقوم عليه التعليم، ويبدأ ذلك من تحديد الغاية من التعليم، وإذا قرأنا المقال بالعكس سنجد أن هذا اللغز محلول باعتماد تكوين المواطن الصالح هدفا لعملية التعليم، وهذا الهدف رسالة اجتماعية ذات أفق ديني وإنساني. فجودة التعليم تنبثق من الأطر الثلاثة التالية الفلسفة الفكرية، والغاية المطلوبة، والرسالية المطلقة، وما لم تتعانق هذه الأمور الثلاثة مجتمعة في عملية التعليم، فإن التعليم يظل خواءا أجوف، تصفّر فيه أهواء الأمم الغالبة، فيبقى المغلوب محكوما باتباع الغالب. لا أدري بالتحديد متى سقطت الجودة من التعليم وكيف، ولكن المؤكد أن الجودة سقطت تدريجيا مع ضعف الأمة، وكلما ازدادت ضعفا كانت الجودة تزداد ضمورا، إلى أن تفرقت الأثافي الثلاث التي كانت ترفع القِدر الراسي للتعليم الراسخ، وهي الفلسفة والغاية والرسالية، ولن تنعم الأمة بتعليم عالي الجودة إلا إذا التأمت الفلسفة والغاية والرسالية. وتاريخ الأمة حافل بالانتصارات، وإرشيفها مليء بالنكبات، ولكن ليس فيه نكبة تعادل فساد التعليم، ومخالفته لمعايير الجودة، وخروجه عن مقاييسها، ولم تهزم الأمة مثل هزيمتها في ميدان المعرفة الذي احتفظت بصدارته وريادته العقود من السنوات، لتسلّم الدور لمن لا يعرف للعلم قيمته الوجدانية والإنسانية والحضارية، تاركة قطع الظلام تتلاحق على سماء المعرفة بفعل الإهمال القهري والعجز الفكري، لتصبح المعرفة نكتة سوداء في ثقافات الأمم، تعكس على أرض الواقع المقولة السائرة العلم لا يزيل البلم.
قارن ريم علي مع:
شارك صفحة ريم علي على