آريس علي

آريس علي

آريس بونيفاسيو علي وهو سياسي موزمبيقي من مواليد ٦ كانون الأول - ديسمبر من سنة ١٩٥٥ وشغل منصب رئيس وزراء جمهورية موزمبيق من كانون الثاني من عام ٢٠١٠ حتى ٢٠١٢. شغل علي منصب حاكم مقاطعة إنهامباني ما بين عامي ٢٠٠٠ إلى عام ٢٠٠٤ وشغل كذلك منصب وزير التربية والتعليم ما بين عامي ٢٠٠٥ إلى عام ٢٠١٠. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بآريس علي؟
أعلى المصادر التى تكتب عن آريس علي
صورة للمطرب في مراحله الأخيرة شريف حسن في مسيرة المغني الناجح جماهيريًا، يمكننا القول إن معيار جودة الصوت ليس الأهم، فللمنافسة على الساحة معايير أخرى، كصناعة شخصية مستقلة، والكفاءة في إدارة المشروع الفني والعلاقة بالدولة والشعب والتواصل الذكي مع التراث الموسيقي ومع متطلبات اللحظة الراهنة. إذا أردت النجاح كمغن، عليك أن تتعلم إرساء قواعدك الخاصة، واستخدام مقوماتك جيدًا، مع استغلال مواطن ضعف الآخرين، وانتهاز جميع الفرص أمامك. بمعنى آخر؛ عليك أن تكون واعيًا لكلِ حركة منك أو من منافسيك، فالساحة الفنية كرقعة الشطرنج، وكبيدق ضعيف يقف في مواجهة العالم، عليك اختيار أي قطعة ستكون وأي مقامرة ستلعبها مع التاريخ لكي تصل لنهاية الرقعة وتترقى ويُكتب اسمك في تاريخ الفن، أنت البيدق واللاعب والمدرب، وعليكَ التحكُّم في كل شيء حولك. في محاولة للبحث في تاريخ المقامرات الفنية للبقاء لأطول فترة ممكنة على الساحة الفنية، نستعرض عدة نماذج اشتبكت مع عوامل متباينة، للحفاظ على النجاح والاستمرارية. أم كلثوم اللعبة الذكية والاشتباك مع الماضي تبدأ المرحلة الانتقالية الأخيرة في حياة أم كلثوم مع بداية عقدها الخامس في محراب الغناء، أي مع بدايات الستينيات، بعد أن باتت هرمًا غنائيًا مكتمل البناءِ والسحر، لكن هل يكفي هذا؟ تعتمد الإجابة على تعريف «الاكتفاء» عند أم كلثوم، التي لم تعد تحلم بالتفرد على الساحة الغنائية فقط، بل أصبحت تسعى للخلود الفني. إذن نحن أمام فترة هي الأهم في تاريخها من ناحية ذكائها في الوقوف أمام التغيرات بجميع أشكالها؛ سياسية وموسيقية و جماهيرية. تبدأ أم كلثوم مقامرتها بالاشتباك مع الماضي الموسيقي القريب (عبده الحامولي– محمد عثمان)، فلا تتنازل عما منحته من حرية كاملة للمطرب في التجلي والسلطنة، بينما تستمر في تعاونها مع ملحنين مُجدّدين كبليغ حمدي وعبد الوهاب، فقدمت خلطة جديدة جَمَعت بين زمنين مختلفين لا تنتمي لأيهما بالكامل، فلا هي ترتجل على المسرح أو تغيّر أداء الأغنية بين حفلة وأخرى، ولا هي مخلصة تمامًا لنوع الموسيقى الجديدة التي يقدمها ملحن كبليغ. بهذه الوصفة نجحت أم كلثوم، وتمكنت من إطالة فترة صلاحيتها، وزيادة رقعة جمهورها، فكم من الأجيال دخلت عالَمها من بوابة عبد الوهاب وبليغ. من ناحية أخرى، امتلكت أم كلثوم خبرة في التعامل مع كل الظروف المحيطة بها، مثل انتقالها السلس والذكي من معسكر المَلكية إلى معسكر الثورة، بنجاح مكّنها من أن تصبح من المقربين للرئيس جمال عبد الناصر. أمّا بعد النكسة، فقد قررت أم كلثوم الاشتباك الواضح والصريح مع فكرة الوطن، بإقامة حفلات للمجهود الحربي. كانت هذه فرصتها الأعظم؛ رحلة غنائية هي الأهم في تاريخ الموسيقى العربية، استمرت لسنوات وليس لشهور. نظمت أم كلثوم حفلات داخل محافظات مصر، لتعود بها للقرية مرة أخرى، ولكن في ثوب الست الأولى، بالإضافة لحفلاتها في الوطن العربي (تونس والمغرب و ليبيا و السودان و الإمارات)، وحفلتها في باريس على مسرح الأولمبيا. كانت بالفعل تجمع المال للمجهود الحربي، لكنها أيضًا في نفس الوقت روّجت لأغانيها بشكل لا مثيل له، لتخرج من هذا الاشتباك ظافرة بكل المقايس الفنية والسياسية والوطنية والشعبية. عمرو دياب.. تطور لا يتوقف أبدًا ما حققته أم كلثوم يذكّرنا بما يفعله عمرو دياب في السنوات الأخيرة، فرغم كونه في نهاية العقد الرابع من مسيرته الفنية، إلا أنه مازال مخلصًا لقراره بالاشتباك أيضًا مع الماضي، وإن كان في صورة مختلفة. يحاول دياب تجميد الوقت، ليبقى مسجلًا في العقل الباطن لجمهوره في نفس سنه الصغيرة، فيحافظ على شكله بممارسة الرياضة وعلى روح موسيقاه بمواكبة الجديد، ليسيطر لسنوات طويلة على سوق الأغنية والموضة. حافظ دياب أيضًا على هويته الشخصية، فلم يحرق نفسه إعلاميًا، ولم يُحمّل أغانيه أية أيديولوجيات قد تكبّده خسارة شرائح من جمهوره، بل وعي بقدراته ومقوماته جيدًا، ولعب عليها. ظاهريًا، يقدم منافسوه نفس نوعية «أغاني البوب»، مثل محمد فؤاد في منتصف التسعينات، أو تامر حسني ومحمد حماقي، بعدها بأكثر من عشر سنوات، لكن الفرق أن عمرو لا يقف مكانه، وإنما يتطور باستمرار، ويعمل على زيادة رقعته الجماهيرية بضم أجيال جديدة. ومثلما استطاعت أم كلثوم جر منافسيها كفايزة أحمد ووردة وميادة الحناوي لشكل الأغنية الطويلة، استمر منافسو عمرو في الركض وراءه، لكنهم لم يستطيعوا مواكبته. عبد الحليم حافظ الانفراد بهوية خاصة الكثير من المطربين راحوا ضحية عبد الحليم حافظ، على رأسهم كمال حسني وماهر العطار وعبد اللطيف التلباني، والأخير هو أحد محاولات محمد الموجي لصناعة نجم ينافس حليم. حاول هذا الثلاثي تكرار حليم، إلا أنهم كانوا بلا شخصية غنائية أو تجارب خاصة، فانهار مشوار كل منهم بسهولة، ولم يتمكنوا من مواجهة حليم إلا في تصريحات صحفية، مثلما فعل ماهر العطار، في حوار له عام ٢٠١٥ في جريدة «اليوم السابع»، عندما صرّح بأن حليم قال له بعد نجاح أغنية «بلّغوه» «يا ماهر ابعد عن الرومانسى وعن خط الحزن بتاعي، خليك مرِح وفرايحى. اللون دا هيمشى معاك». امتثل العطار لكلامه واتجه للأغنية الشعبية كما في أغنية «افرش منديلك»، وهكذا بكل بساطة ابتعد عن منافسة حليم، وابتعد أيضًا عن صناعة مشروع فني يُذكَر له. وحتى الآن، وبعد رحيل عبد الحليم بأربعين عامًا، إلا أن العطار لا يزال يخشى الاشتباك الصريح معه، بل على العكس يتكلم عنه بشكل رومانسي، ويسترسل في حواراته عن صداقته بعبد الحليم وسهراته معه للصباح، ربما كان ذلك نوعًا من الاشتباك مع الأساطير، وإنه كان على مقربة منهم. لكن على صعيدٍ آخر، ورغم أن حليم كان سببًا في القضاء على البعض ومحاربتهم فنيًا وشخصيًا في بعض الأحيان، إلا أنه لم يستطع هزيمة محمد رشدي، لأن رشدي خلق مساحته الفنية الخاصة، لدرجة أنه أَجبر حليم على الاشتباك مع الأغنية الشعبية، فاقتسم جزءًا من نجاح رشدي الذي لم يحذ حذوه ونأى بنفسه عن الاشتباك مع الأغنية الحليمية، وربما لو كان انساق وراء هذا، لضيّع نفسه مثل الكثيرين. نجح حليم في تخليد نفسه كالقديس حتى بعد رحيله، بالاشتباك مع منافسيه واقتسام جزء من مساحاتهم، أو بغناء نفس الأغنية كما فعل مع فايزة أحمد ومحمد قنديل، أو بالإطاحة بهم كما فعل مع العطار، أو بإثارة المشاكل بين المنافسين مثلما فعل بين محمد رشدي ومحرم فؤاد. لم يترك حليم فرصة لمرضه أن يثبطه، بل روّضه واشتبك معه. كان واعيًا باحتمالية رحيله في أي وقت، خاصة في السنوات الأخيرة، لذلك شنّ حربًا خاصة على المرض والزمن، مستغلًا كل الفرص للخلود. خاض تجارب فنية جديدة عليه مثل تجربة فيلمه الأخير «أبي فوق الشجرة» عام ١٩٦٩، أي قبل وفاته بسبع سنوات، وأخرج فيه طاقة مهولة، مقدمًا استعراضات بشكل مسرحي كامل، مصرًا على لعب دور الشاب الصغير المراهق، كأنه إصرار على هزيمة المرض، أو على الأقل عقد اتفاق ضمني معه، بأن يُمهله فترة ليقدّم كل ما يمكنه تقديمه، كرائعته الختامية «قارئة الفنجان». على ذكر عدم الاستسلام للظروف الصحية، والاشتباك مع الماضي، لدينا مثال حديث، وهو جورج وسوف، الذي اشتبك في السنوات الأخيرة مع بداياته الفنية ونجاحاته، كأنه يريد أن يقول «هذا أنا جورج وسوف، هل تتذكروا هذه الأغاني؟» في حفلة أعياد بيروت ٢٠١٤ مثلًا، التي يمكن اعتبارها حفلة الوداع رغم أنها ليست الأخيرة، أصرّ على الغناء ومواجهة المرض وشبح النهاية. غَنّى وسوف بكل قوة وحماس، وعاد للأغاني القديمة والعلامات في مشواره الفني، بجانب تأديته لأغان فولكلورية مثل «قدٌك المياس». وفي ألبومه القادم المنتظر صدوره آخر هذا العام، يحاول وسوف الرجوع للماضي، بإعادة تقديم أغنية «معالم الطريق» والتي صرح أنّها معه منذ ما يقارب ٢٥ عامًا، والتي غنتها المطربة نورا رحال عام ٢٠٠٠، وهي من ألحان شاكر الموجي، أحد أهم المساهمين في تكوين شخصية جورج وسوف في بداية مسيرته الفنية. عبد الوهاب الإدراك الدقيق لنقاط القوة والضعف أما موسيقار الأجيال، فكانت له طريقته الفريدة في إطالة عمره الفني، حيث قرر في أوائل الستينيات اعتزال الغناء، بعد أن شعر أن صوته فقد جزءًا من بريقه، فاكتفى بما قدمه، واستند بكل ذكاء على كنز التلحين، كأنه قال لنفسه «نعم سأعتزل الغناء، لكنني سألحّن وأغنّي ألحاني بكل ثقة واقتدار، وأقدم أغنية من حين لآخر». نجح عبد الوهاب لأنه كان يحترم صوته، فلم يكن هذا أول قرار اعتزال في تاريخه، فقد اعتزل في أواخر الثلاثينات الغناء في الحفلات العامة، مراهنًا على مكانة أكبر من كونه مطربًا، ليحتل قمة أكبر وأكثر اتساعًا، وليصبح بالفعل أكبر من مجرد مطرب ناجح. اشتغل عبد الوهاب على اكتساب مساحات ونجاحات من الآخرين، دون التنازل عن قيمته ومكانته. لحّن لأم كلثوم، والتي تنازلت بدورها عن مساحة من نجاحها لعبد الوهاب وبليغ، كي تستطيع مواكبة الجيل الجديد والموسيقى الجديدة. كما كان عبد الوهاب منتجا وملحنًا وداعمًا وشريكًا لعبد الحليم حافظ، ومن أهم أسباب نجاحه جماهيريًا، فاستفاد الاثنان من هذا التعاون، وخرج الكل منتصرًا. بخلاف كِبار الساحة، كانت هناك بعض المحاولات الناجحة لآخرين التزموا فيها ببعض معايير البقاء، فنالوا حظًا من النجاح. على سبيل المثال، حجزت فايزة أحمد مكانًا لنفسها، بالتركيز على الأغاني القصيرة في الأفلام والابتعاد بقدر استطاعتها عن الشكل الكلثومي للأغنية، أما محمد قنديل وعبد العزيز محمود فقد ضمنا مساحة خاصة بهما بتوجههما للراديو والشكل الشعبي من الأغنية. من المطربين الأحدث، لدينا مدحت صالح الذي لا ينجح إلا لدى الاشتباك مع الأغاني القديمة، مستغلًا مساحات صوته، ويخسر خارج هذا النهج، مثلما حدث مع ألبومه الأخير. كما نجد على الحجار على الناحية الأخرى، الذي حاول تحصين فنه ونجاحه بعيدًا عن الشكل التجاري، فقرر الاشتباك مع جمهور موسيقى الأندر جراوند بتقديم حفلات في الأماكن المعروفة بتقديم هذا النوع من الموسيقى. محمد منير.. تذَبذُب كبير وقِلّة وعي بالذات كانت هذه بعض المحاولات للبقاء على الساحة، نجح بعضها بدرجات متفاوتة، ولكن حالة الإخفاق الأكبر كانت من نصيب محمد منير. كان محمد منير هو المنافس الأقوى لعمرو دياب، لكن لأنه يقدم لونًا مختلفًا تمامًا، كان الصراع على عرش التاريخ والخلود صعبًا على كليهما؛ من ينجح في مد فترة صلاحيته الفنية وزيادة رقعته الجماهيرية؟ أطال دياب عُمره الفني بالحفاظ على صورة الماضي، أما منير فوقف حائرًا بين تاريخه ومشواره القديم وبين متطلبات مواكبة الزمن، فلم يُقدّم ما يرضي جمهوره ولا ما يؤهله لتوسيع مساحة جماهيريته. كانت أغاني منير مُحمَّلة بالكثير من الأحمال السياسية والثورية والتحريضية، وعندما حاول الخروج من هذا الأسْر تاه وسط الجموع. ورغم أن منير لا يزال يحاول، و لا يزال يبحث عن أي طريقة للاشتباك مع الجديد، لكن محاولاته تأتي عشوائية وغير مدروسة، ما يجعل مظهره كمن يتسول النجاح بشكل غير لائق، فيظهر مع عمرو دياب في أغنية القاهرة، كضيف شرف وليس كمطرب يقف ندًا لمنافسه. من غنّى قبل أكثر من ثلاثين عامًا «إيه يا بلاد يا غريبة، عدوة ولا حبيبة»، تنازَلَ عن شكله وأسلوبه، وغنّى كما يغني عمرو الذي نجح في الاستفادة من جمهور منير على عكس الأخير الذي خيّب آمال جمهوره. أصبح منير مطربًا بلا هوية واضحة، وتجلى ذلك في تعاونه، في أغنيته الجديدة، مع السنغالي يوسو ندور والألماني عادل طويل، حيثُ تجرّد تمامًا من لونه المعهود. كما لم يفلح عندما حاول استثمار ماضيه، عبر إعادة طرح أغانيه القديمة والشهيرة ولكن بتوزيعات جديدة؛ فالتوزيع الجديد لأغنية «في عينيكي غُربة وغَرابة» مثلًا لم يرْقَ في عيون جمهوره لمستوى التوزيع القديم، ليخسر بذلك كل محاولات مواكبة الجديد. من ناحية أخرى، اشتهر منير باشتباكه مع الدولة من موقع الثورة والمعارضة، لكنّه لم يكن مسيسًا بشكل صريح مثل عبد الحليم الذي دُشّن بوصفه «مطرب الثورة والدولة»، والذي قدَّم الكثير من الأغاني الوطنية من منظور الدولة مثل أغنية «عدى النهار». كما لم يكن منير أيضًا وطنيًا معارِضًا بوضوح مثل محمد حمام مثلًا. كانت معارضة منير خفية غير مزعجة وحازت على قبول الدولة، وبعد الثورة فقد منير جزءًا كبير من هذا الاشتباك، وفقد جزءًا كبير من جمهوره. كانت هذه نظرة سريعة لبعض محاولات البقاء على الساحة والخلود في تاريخ الموسيقى. حدث بعضها بوعي كامل من الفنان بشخصيته وهويته، والبعض الآخر بذكائه في تطوير نفسه ومواكبة عصره بجانب حفاظه على مشواره الفني. كانت تلك مقامرات غير مضمونة النتائج، ولكن على الفنان أن يغامر، وأن يكون على إستعداد لمواجهة الخسارة، واضعًا في ذهنه خطة بديلة، تُمكِّنه من مَدِّ فترة صلاحيته لأطول وقت، حتى لا يُفاجأ بالجموع وهي تنفر من حوله، والأنوار تُطفأ والستائر تُسدل عليه.
حوار الخبير في الشأن الليبي جلال حرشاوي يُقيّم «اتفاق باريس» ليس اتفاقًا دانيال أوكونيل ٢٤ أغسطس ٢٠١٧ في بلدة لا سيل خارج باريس مباشرة، التقى اثنان من اللاعبين البارزين في الحرب الأهلية الليبية بوجوه جديدة على طاولة النقاش، نهاية يوليو الماضي، الرئيس الفرنسي المنتخب حديثًا إيمانويل ماكرون، ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المعين حديثا سانت كلاود. وصفت وسائل الإعلام الإعلان، المكون من ١٠ نقاط، المنبثق عن الاجتماع بأنه اتفاق باريس، وصُور كخطوة نحو المصالحة الوطنية الليبية. النقاط العشر التي نشرها قصر الإليزيه، والتي حددت الاتفاق بين فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة، وخليفة حفتر، الرجل القوي الذي يقود الجيش الوطني الليبي في الشرق، مليئة بالنوايا الطيبة الواسعة، أبرزها التعهد بوقف إطلاق النار ضد جميع الجماعات غير الإرهابية، وتأكيد النوايا لإجراء انتخابات «في أقرب وقت ممكن». وعلى حين سارع ماكرون إلى الاحتفاء بنجاح الاتفاق، واصفًا إياه بأنه «تقدم كبير» نحو «قضية السلام»، كان البعض الآخر أكثر تحفظًا إزاء لغة الخطاب المبالغ فيها، في ضوء ما تبدو أنها عملية سياسية متعنتة، شهدت عددًا كبيرًا من الاتفاقات الدبلوماسية لم تُنفذ بالكامل، بما في ذلك الاتفاق الوطني الليبي الموقع في الصخيرات بالمغرب عام ٢٠١٥. وفي الواقع، فإن الأسابيع التي أعقبت الاجتماع في باريس، شهدت الكثير من التخبط بشأن ما بدا أنه تقدم سياسي، حيث أعلن حفتر، خلال اجتماع دبلوماسي مع وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، الأسبوع الماضي، أن اتفاق باريس قد فشل. لتحليل الأبعاد السياسية للاتفاقية وتبعاتها على المستويين الدولي والمحلي، أجرى «مدى مصر» مقابلة عبر البريد الإلكتروني مع الليبي جلال حرشاوي، طالب الدكتوراه في قسم الجغرافيا السياسية في جامعة باريس، والذي يتناول في دراسته الأبعاد الدولية للصراع الليبي. مدى مصر قد يكون من الجيد أن نبدأ بتعريف قراءنا بشروط اتفاق ٢٥ يوليو في باريس بين حفتر والسراج بوساطة الرئيس الفرنسي. ما الذي تضمنه ولم يتضمنه الاتفاق؟ جلال حرشاوي أولًا وقبل كل شيء، هل هو فعليًا اتفاق؟ لا فايز السراج، رئيس الوزراء المدعوم من الأمم المتحدة ولا خليفة حفتر، الرجل العسكري القوي في الشرق الليبي، وقعا على نص الرئيس ماكرون المكون من ١٠ نقاط. لذلك لا يمكننا أن نتكلم بحق عن اتفاق في حد ذاته. بل كان أقرب إلى الإيماءة. ويحتفظ كل من السراج وحفتر بخيار التراجع عنه في أي وقت بعد ذلك. في كل مبادرة دبلوماسية، من المهم دائمًا أن ننظر إلى كل من الجوهر والشكل أيضًا. وقد كان اجتماع باريس قاصرًا من حيث المضمون، ولكن شكله يحمل الكثير من الأهمية. ذلك أن رئيس قوة غربية كبرى رحب فعليًا بالقائد العسكري، خليفة حفتر، الذي يتخذ من الشرق الليبي مقرًا له. ورحب به باعتباره رجل دولة شرعي. ومثل هذه الخطوة يمكن أن تضعف، بل وأضعفت فعلًا السراج، الضعيف أصلًا ودعمت صعود حفتر. والأهم من ذلك، أن باريس فشلت أيضًا في ضم عدة فصائل ليبية لها أهمية على أرض الواقع. هذا يعزز، أيضًا، من موقف حفتر ويفضل حله العسكري. والواقع أن أحد سماته الرئيسية هي رفضه التحدث مع خصومه السياسيين الحقيقيين، والذين لا يشملون سراج. مدى مصر السؤال الذي يبدو طرحه طبيعيًا بالنسبة لي في ضوء ذلك هو لماذا اتخذت فرنسا هذه الخطوة؟ نظرا لأن العديد من الأطراف الدولية، سواء كانت دولًا فرادى أو كيانات أكبر مثل الأمم المتحدة، قد تدخلت جميعًا في الصراع السياسي والعسكري الليبي بدرجات متفاوتة، خاصة وأن فرنسا لم يكن معروف عنها كونها من أبرز الفاعلين السياسيين العلنيين في هذه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا. فلماذا اتخاذ مثل هذه الخطوة العلنية الآن؟ جلال حرشاوي في حين أن فرانسوا أولاند (الرئيس الفرنسي السابق) لم يكن رئيسًا صديقًا لوسائل الإعلام، إلا أن ماكرون كذلك. وعلاوة على ذلك، فإن ماكرون هو بالتأكيد شخص يفكر في المقام الأول في عناوين الأخبار. في أول ١٠٠ يوم له في الرئاسة سعى إلى إصدار تصريحات بهذا المعنى. وكان في عجلة من أمره في اتخاذ خطوة دافعة في كل بند هام من جدول أعماله. ويجب النظر إلى محادثات السلام في ٢٥ يوليو حول ليبيا في هذا السياق. لقد عارضت فرنسا تدخل الولايات المتحدة في العراق عام ٢٠٠٣. لذلك كان من المهم جدًا بالنسبة لباريس أن يُنظر إلى حماسها الظاهر في ليبيا بعد ثماني سنوات باعتباره نجاحًا. ابتداء من عام ٢٠١٤، أصبح من الواضح أن التدخل في ليبيا فاشل. خلال فترة رئاسته من ٢٠١٢ ٢٠١٧ حاول هولاند قدر الإمكان تجنب مسألة ليبيا. ومن منظور الرأي العام كان حريصًا على ألا يقترن اسمه «بفوضى ساركوزي» بأي شكل من الأشكال. لقد كان ماكرون على دراية تامة بهذا التردد المحرج إزاء الشأن الليبي واختار أن يكسره. وبعد شهر من توليه الرئاسة، قال إن فرنسا ارتكبت خطأ في شن الحرب على ليبيا مثلما فعلت في عام ٢٠١١. وبالتالي فإن التصعيد الخطابي المفاجئ ومحادثات السلام تعطي انطباعًا ببداية جديدة، وهو نهج فرنسي أكثر حكمة تجاه ليبيا. غير أن خطوات باريس تدعم حفتر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات حتى الآن. التغيير الوحيد الذي طرأ في ظل حكم ماكرون هو مزيد من العلانية. لكن تفكير فرنسا وسياستها الفعلية لم تتغير. ليس هناك «بداية جديدة». مدى مصر نحن إذن بصدد تطور «مفاجئ» و«جديد» في تعامل فرنسا مع الشأن الليبي. أتساءل عما إذا كان بمقدورك أن ترسم المزيد من الخطوط العريضة عن خلفية الوضع بشأن سياسة باريس تجاه ليبيا، من حيث الفاعلين الأساسيين والمواقف الرئيسية، وكيف تبدل ذلك تحت حكم ماكرون، إذا كان قد تغير شيء. جلال حرشاوي البطل الرئيسي في باريس وراء التفضيل الملحوظ لحملة حفتر العسكرية في ليبيا كان جان إيف لو دريان، وهو أحد صقور الإدارة الفرنسية، وأوصى عدة مرات منذ سبتمبر ٢٠١٤ بالتدخل العسكري الفرنسي في ليبيا. في السنوات الخمس السابقة لتعيينه وزيرًا للخارجية في مايو، كان لو دريان، وزير دفاع شديد التأثير تحت حكم هولاند. ولا أتوقع أن يكون بنفس القوة في ظل الرئيس الحالي، كما كان في الفترة من ٢٠١٢ إلى ٢٠١٧. ولكن، من المثير للاهتمام، أن ماكرون، منذ وصله إلى السلطة في ١٤ مايو، احتوى وجهات نظر لو دريان وأفكاره حول الشرق الأوسط وأفريقيا . وهذا هو الحال بالنسبة لليبيا. مدى مصر في حين يبدو أن فرنسا تدعم التحالف الوطني الليبرالي، هل لدى حفتر أو سراج المزيد ليكسباه في الشراكة مع البلد الأوروبي؟ أدرك أن هذا سؤال اختزالي بمعنى ما، لأنه يتجاهل أن هناك العديد من الفاعلين في ليبيا. لذلك، في حين لا نتجاهل وجود ديناميكية القوة بين الشخصين الأكثر بروزًا، هل يمكننا أن نقول إن تركيز باريس على حفتر وسراج دون غيرهما يفتح طريقًا أمام التقدم السياسي الحقيقي؟ جلال حرشاوي هناك العديد من السمات في نهج باريس التي تساعد حفتر هيكليًا. منذ بداية حملته العسكرية على مدى ثلاث سنوات، كانت السمة الثابتة لموقف حفتر هي أنه لا يتحدث مع خصومه السياسيين. وهذا هو السبب في إصرار اتفاقية الصخيرات المدعومة من الأمم المتحدة في ديسمبر ٢٠١٥ على الإدماج السياسي. إن رفض التحدث مع الجماعات العسكرية القوية يزيد من احتمالات اللجوء إلى العنف لحل الوضع. وفرنسا قوة عالمية كبرى. كان يمكن أن تمارس بعض الضغط على حفتر. بدلا من ذلك، اختارت أن لا تضم عدة فصائل ليبية، الأمر الذي أدى تلقائيًا إلى إضفاء الشرعية على حملته العسكرية التي استمرت ٣٩ شهرًا. بل أن ماكرون قال حتى إن هذا الأخير يملك «الشرعية العسكرية». وهذا التشجيع لا لبس فيه. والجدير بالذكر أن مصر عملت في الأسابيع الأخيرة على محادثات سلام بين المعتدلين في مصراتة ومعسكر ليبيا الشرقي. حتى الآن، دون جدوى. مدى مصر وما هي الاستجابة الأولية لتدخل فرنسا من جيران ليبيا تونس والجزائر ومصر؟ جلال حرشاوي يمكن تلخيص رد فعل كل من تونس والجزائر على خطوة ماكرون بأنها عدم ارتياح مهذب. وبعبارة محددة، ماذا يعني عندما تشجع فرنسا حفتر بالاعتراف به؟ ماذا يقول حفتر، في كل مرة تقريبًا، يتحدث إلى الصحافة؟ يقول بشكل منهجي ودائم أنه لا يؤمن بالحلول السياسية. وهو يعرف نفسه أولًا وقبل كل شيء كزعيم لحملة عسكرية. لذلك، فإن منحه شرعية تكاد تكون متساوية مع تمكين حملته العسكرية لتحقيق تقدم في غرب ليبيا، وهي منطقة أكثر كثافة سكانية من برقة. البلدان الأقرب من غرب ليبيا الجزائر وتونس وإيطاليا تدرك تمامًا هذا الواقع الجغرافي. وهذا هو السبب الرئيسي لعدم رضاهم عن باريس. الأمر يتعلق بالجغرافيا، وليس السياسة. إن تعرض فرنسا لارتفاع مستوى العنف في غرب ليبيا لا يقارن بتعرض هذه البلدان الثلاث له. وفيما يتعلق بمصر، يجب أن نلاحظ أنه لا يوجد خصومة بين القاهرة وباريس حول ليبيا. لم يقل المصريون شيئا على وجه الخصوص، وذلك ببساطة لأنهم يتفقون إلى حد كبير مع الفرنسيين. ومصر سعيدة نوعًا ما بالتطورات الأخيرة فيما يخص ليبيا. ولكن ما يثير الاهتمام هنا هو أن مصر لا تعتبر فرنسا زعيمًا محتملًا حين يتعلق الأمر بمعالجة أزمة ليبيا. وبالنسبة للقيادة المصرية، يبقى القائد الحقيقي لهذا الملف هو الإمارات العربية المتحدة. فمن بين جميع الدول الأجنبية التي تدعم حفتر، تظل الإمارات العربية المتحدة هي الأكثر نشاطًا. إذا نظرتم إلى النهج الدبلوماسي لرئاسة ماكرون تجاه ليبيا منذ مايو، فإنها تحاكي عن كثب نهج أبو ظبي. أما بالنسبة لليبيا، فإن الإمارات تلعب دورًا محوريًا من حيث الاعتبارات العسكرية والدبلوماسية. مدى مصر قبل ما يزيد قليلًا على الأسبوع من محادثات باريس، أشار ماكرون، وهو يقف إلى جانب رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، مخاطبًا الصحفيين، إلى أن فرنسا والولايات المتحدة تشتركان في نفس النوايا بشأن ليبيا. هل يمكننا أن نفهم جزئيًا الدوافع الفرنسية في في ضوء الموقف الأمريكي؟ جلال حرشاوي الديناميكية بين فرنسا والولايات المتحدة بشأن أفريقيا ككل ليست بالتأكيد ديناميكية منافسة أو عداء. والواقع أن لدى واشنطن تقليد عريق في عدم اعتبار القارة الأفريقية ذات مصلحة استراتيجية حيوية. يجب أن نضع ذلك في الاعتبار أفريقيا لا تهم الأمريكيين كثيرًا. وبمجرد أن أعلن وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، روبرت جيتس، عن إنشاء أفريكوم (القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا) قبل ١٠ سنوات، انبرى واضعو السياسات الأمريكيون في الإشارة إلى أن المصالح الأمريكية والفرنسية قد «تتقاطع» في أفريقيا. لذلك، ومنذ عام ٢٠٠٧، كان لدينا هذه الفكرة الثابتة في واشنطن أنه بالإمكان الاعتماد على فرنسا (وغيرها من القوى الأوروبية أو الخليجية الراغبة في المساعدة) عندما يتعلق الأمر بالأمن الأفريقي. ومن ثم فإن فرنسا تجد لها موقعًا في الإطار الذي تسعى إليه الولايات المتحدة. الأمريكيون بما في ذلك الإدارة الحالية يريدون من فرنسا أن تلعب دورًا أكبر في أمن أفريقيا، وعندما يتعلق الأمر بليبيا على وجه التحديد وقد كان ذلك صحيحًا في عام ٢٠١١ تُذكر ديناميكية «القيادة من الخلف» التي رغب فيها الرئيس أوباما. ولا زال الوضع كذلك اليوم تحت حكم ترامب. وقد أوضح الأخير أنه لا يريد أن تلعب الولايات المتحدة دورًا بارزًا في ليبيا. وإذا كانت فرنسا والإمارات ومصر والمملكة العربية السعودية قادرين على رعاية ليبيا، فإن إدارة ترامب سوف تكون مسرورة. مدى مصر يوم ٢ أغسطس، أطلقت البحرية الإيطالية بعثة لمساعدة خفر السواحل الليبية على كبح تدفق المهاجرين. وكان رد فعل حفتر أن أمر قواته بصد «أي سفينة بحرية تدخل المياه الوطنية دون إذن من الجيش». وقد أجرى قائد الجيش الوطني الليبي في وقت لاحق مقابلة مع صحيفة كوريير ديلا سيرا الإيطالية، وصف فيها تنسيق سراج مع إيطاليا بأنه «غير شرعي وغير قانوني»، مضيفًا «أنه قدم إلى ماكرون قائمة باللوازم والتدريب المتعلق بالرقابة على الهجرة التي جاءت بتكلفة ضخمة قدرها ٢٠ بليون دولار. تبدو هنا توترات واضحة بين فرنسا وإيطاليا، تتراوح بين «أزمة» نظام الحدود الأوروبي وبين المصالح الهيدروكربونية في البحر الأبيض المتوسط. جلال حرشاوي يعلم حفتر أن إيطاليا تتعامل مع الجهات الفاعلة في غرب ليبيا، لذلك لديه حافز في أن يشهد انهيار تلك الصفقات. وبعد أقل من عام سوف تواجه الحكومة الحالية في روما الانتخابات، وهي تدرك أن لأزمة المهاجرين الحالية أولوية عاجلة. في الوقت نفسه، من الهام أن ندرك أن فرنسا معزولة نسبيًا عن هذه الظاهرة. ونتيجة لذلك، لا تشعر باريس بالحاجة إلى وضع ترتيبات مع الجهات الفاعلة الغربية الليبية، ناهيك عن المحافظة عليها. ذلك أن ٨٥% من الوافدين الجدد إلى أوروبا يتوجهون ويبقون في إيطاليا. ولا ترغب بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى في تقاسم هذا العبء مع إيطاليا. وحتى الآن، ظل المعبر الحدودي عبر جبال الألب مع فرنسا محصنًا إلى حد كبير في وجه المهاجرين غير الشرعيين الذين يسعون إلى مغادرة إيطاليا. لذلك لديك تباين عميق بين مواقف دولتي الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمستنقع ما بعد القذافي. إضافة إلى ذلك، فإن روما لديها مصالح كبيرة في غرب ليبيا الغني بمصادر النفط والغاز، على حين ليس لفرنسا الكثير لتفقده في هذا الشأن. مدى مصر فلنبق على المستوى الدولي. يوم ١٢ أغسطس سافر حفتر إلى روسيا لإجراء محادثات مع وزير الخارجية، سيرجي لافروف، وفي الأيام التالية، بدا أن الجميع أعلنوا فشل اتفاق باريس، مع إبداء لافروف احترامه للأمم المتحدة باعتبارها الهيئة الوحيدة القادرة على حل الأزمة. ما الذي يمكننا استخلاصه من هذه التصريحات حول توازن القوى بعد ٢٥ يوليو، فيما يخص العلاقات الفرنسية الروسية بشأن ملف ليبيا؟ جلال حرشاوي الركن الأساسي في موقف موسكو هو فكرة أن الدول الغربية لا يمكن الاعتماد عليها بطبيعتها، حتى عندما يدعمون الجانب صاحب الحق في الصراع. لقد منح ماكرون المزيد من الاعتراف بمعسكر روسيا المفضل في الحرب الأهلية الليبية. وبالإضافة إلى ذلك، أشار ماكرون إلى رغبته التعاون مع روسيا في مكافحة الإرهاب في البلدان الإسلامية، بما في ذلك ليبيا. ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذا، لا يزال وزير الخارجية الروسي يؤكد على أنه لا يبالي بالقيادة الفرنسية. وعندما تقول روسيا إن جميع الدول التي تتدخل في الشؤون الليبية يجب أن تمتثل لإطار الوساطة في الأمم المتحدة، فإن ذلك يعني فعليًا أنه لا يجب على فرنسا أن تأخذ زمام المبادرة في الدبلوماسية الليبية. وقد وافق حفتر، الذي يتمتع بالذكاء، بالطبع على هذا الموقف وأيد موسكو في هذا الخطاب بالذات. هذا يعطيه مساحة للحركة، ويسمح له بحصاد إيجابيات قمة باريس دون أي أضرار. مدى مصر أخيرًا، أود أن أفهم كيف يتم التعامل مع موضوع الانتخابات العامة، أحد شروط اتفاق باريس، من قبل مختلف الجهات الفاعلة، خاصة أن انتهاء الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات في عام ٢٠١٥ يلوح في الأفق. هل تبقى باريس ملتزمة بالصخيرات أم أن لديها نفوذًا كافيًا لتغيير مسار مستقبل ليبيا السياسي؟ جلال حرشاوي إذا لاحظت، من بين العشر دول المتورطة في الصراع الليبي، يصر كل واحد بشكل قاطع على أنه ملتزم باتفاق الصخيرات، إلا أن البعض أكثر صدقًا من البعض الآخر. ماذا تقول وثيقة الصخيرات؟ يستبعد اتفاق الصخيرات حلًا عسكريًا ويؤكد السيطرة المدنية على القوات المسلحة. كما يدعو إلى إدماج أكبر عدد ممكن من المتنافسين السياسيين الليبيين. ومن الواضح أن العديد من الدول الكبرى في ليبيا تنتهك هذه المبادئ بطريقة فظة. والسبب الذي يجعلهم يكررون دعمهم للصخيرات هو أنه من غير المرجح أن يتكرر إنجاز ديسمبر ٢٠١٥. ليبيا أكثر استقطابًا اليوم مما كانت عليه قبل ٢٠ شهرًا. وبعبارة أخرى، يوفر الإطار المدعوم من الأمم المتحدة قشرة ثمينة جدًا من الشرعية، للدول المهتمة بالتأثير في الصراع الليبي. أما فيما يتعلق بانتخابات مارس ٢٠١٨، فإنني متشكك. إذا نظرتم إلى کیف بدأت الحرب الأهلية الجاریة في مایو ٢٠١٤، فإن الكثير، ولیس کل، من مرحلتها الأولیة كان مرتبطًا بالانتخابات البرلمانیة في ٢٥ یونیو ٢٠١٤. لقد كانت ليبيا منذ عام ٢٠١١، بلد طغت عليه وفرة غير عادية من الأسلحة والجهات الفاعلة المسلحة. وهذا يعني، على نحو ملموس، أن الفصيل السياسي، الذي يظهر ضعفه في الانتخابات، يملك من الوسائل ما يمكنه من رفض النتائج باستخدام القوة. وهذه إحدى المشاكل الرئيسية في ليبيا الجماعات المسلحة. كان هذا صحيحًا في يونيو ٢٠١٤، ومن المرجح أن يظل صحيحًا في ربيع عام ٢٠١٨. لذلك، وفي حين أن الانتخابات الناجحة لا تزال ممكنة، إلا أنني أعتقد أن هناك أيضًا العديد من السيناريوهات التي يمكن أن تتعقد فيها الأمور. في الصباح التالي للانتخابات، هل تعتقدون أن الجماعات المسلحة التي لا تحظى بشعبية ستقول «حسنا، سوف نضع أسلحتنا جنبا الآن». بالطبع لا. وثمة جانب هام آخر، هو كيف يستغل بعض الفاعلين فكرة أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سوف تجري في عام ٢٠١٨، وأن ذلك سوف يحمل حلا لكل شيء. هذا المنطق مثالي للأحزاب، الدولية منها أو الليبية، المهتمة بالتهرب من أي شكل من أشكال الحوار الحقيقي مع خصومها السياسيين. إن ما يقلقني هو تلك الفترة ما بين الآن والانتخابات المقترحة، خاصة مع العلم أنه لم يتم تحديد موعد محدد بعد، وأن عملية صياغة مسودة الدستور الجارية في البيضا هي أبعد ما تكون عن السلاسة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * ترجمة عايدة سيف الدولة
قارن آريس علي مع:
شارك صفحة آريس علي على